978-964-2854-29-5

در حال نمایش یک نتیجه

بلاغ عاشورا

۷۴,۰۰۰ تومان

لم تکن “عاشوراء” حادثة قدّر لها أن تقع فی نصف أو فی جلّ نهار یوم من أیّام سنة إحدی و ستّین من الهجرة منفصلة عمّا قبلها و ما بعدها، فلقد کان لواقعة عاشوراء جذور فی وقائع حرکة الأحداث و التحوّلات الاجتماعیّة و السیاسیّة التی عاشها المسلمون منذ رحلة النبیّ الأکرم صلی الله علیه و آله و سلم حتّی سنة ستّین من الهجرة، کما أنّ نتائجها و آثارها التی کان لها تأثیر عظیم فی حیاة المسلمین فکراً و عملاً لم تزل إلی الیوم تمتدّ و تتّسع فی تأثیرها البالغ فی حیاة الأمّة، و ستبقی ممتدّة فی هذا التأثیر المبارک المتّسع إلی یوم القیامة.

و مع جمیع ما أُخذ عن نهضة کربلاء و شهادة أبی عبدالله الحسین علیه السلام إلی الیوم، من استفادات و مواعظ و عبر، و دروس حماسیّة، و جهادیّة، و تربویّة، و معنویّة، إلّا أنّنا نری أنّ غناء هذه النهضة الإلهیّة أکثر بکثیر ممّا أُخذ عنها و استفید منها حتّی الآن، و أنّ علی الأجیال الحاضرة و القادمة أن تنهل و ترتوی بلا انقطاع من معین کوثر الإیمان و الیقین هذا، و أن تسقی هی أیضاً عطاشی الحقیقة الخالصة.

من هنا، فمع کلّ الآثار و الأعمال الفکریّة و الأدبیّة التی تحقّقت علی طریق معرفة هذه الملحمة الخالدة، إلّا أنّ الحاجة لم تزل قائمة و ماسّة فی کلّ زمان لمزید من هذه الجهود الثقافیّة، من أجل مزید متواصل من الاکتشاف الجدید، و قراءة أشدّ وضوحاً فی العمق، وسعة أکثر شمولاً فی الإحاطة، حتّی یمکن مواصلة تدوین دروس و عِبر هذه الواقعة المقدّسة بشکل و محتوی أفضل، و تعلیمها و نشرها فی جمیع العالم، کی تنجذب البشریّة عامّة، و الأرواح الباحثة عن الحقیقة خاصّة إلی تجلّیات و جمالیّات هذه الملحمة الرائعة.

فلعاشوراء إذن “بلاغ” تشعُّ به أبداً، و لجمیع النّاس…فیلیق بنا إذن أن ننتمی إلی مدرستها الخالدة، و نأخذ عنها دروسها، حتّی نبلغ بذلک المراتب العلیا من الإیمان، و المعرفة بالدین، و العلم بالتکلیف.

ما هو بلاغ عاشوراء؟ و عمّن یؤخذ؟ من أجل استخراج دروس و بلاغات و عبر عاشوراء یمکننا هنا أن نشیر إلی أفضل المنابع و الطرق التی یمکن الاطمئنان إلیها فی هذا السبیل:

1ـ أقوال و خطب الإمام الحسین علیه السلام و أنصاره -المستشهدین بین یدیه- و ذویهم.

2ـ المنهج العملیّ و الأخلاقیّ لسیّد الشهداء علیه السلام، و أهل بیته علیهم السلام، و أصحابه (قدّس سرّهم).

3ـ النصوص الدینیّة (خصوصاً الواردة منها عن أئمّة أهل البیت علیهم السلام)، و المتون التأریخیّة المعتبرة المرتبطة بعاشوراء.

و فی بدایة هذا الکتاب، و قبل التورّط فی أصل بحث “بلاغ عاشوراء” سنتعرّض إلی المقصود من کلمة “البلاغ”، و الفرق بینها و بین الدرس، و ما هو الشیء الذی نحن فی طلبه فی هذا البحث.

أضف إلی ذلک: أنّنا فی بدایة کلّ بحث من بحوث هذا الکتاب التی وردت تحت عنوان: البلاغات الاعتقادیّة و البلاغات السیاسیّة و البلاغات الأخلاقیّة و البلاغات العرفانیّة و البلاغات التأریخیّة… سنقدّم إیضاحاً حول مفهوم و نطاق کلّ عنوان، کی یتجلّی هدف المؤلّف من وراء ذلک العنوان، ثمّ بعد شرح و إیضاح العناوین سنتناول بالتفصیل شرح المحاور الفرعیّة لکلّ عنوان، مدعوماً بالمستندات التأریخیّة و الشواهد المستفادة من کلمات أبطال ملحمة عاشوراء، و سنکشف فی بعض الموضوعات عن ارتباط هذه المفاهیم بتأریخنا المعاصر، و سنشیر علی هذا الصعید إلی أمثلة بلیغة من أقوال الإمام الخمینیّ، و شواهد من ثقافة الجهاد و الشهادة التی تبلورت أبعادها فی عهد الثورة الإسلامیّة و الدفاع المقدّس، کیما یکون البحث أکثر تخصّصاً و أفضل هدایة، و لیکون الهدف المنشود من وراء هذا البحث عملیّاً أکثر فی نقل دروس عاشوراء، حتّی یستفید منها النّاس.